الاصدارات

أوراق بيضاء

تحديات وآفاق النقود الإلكترونية وأنظمة الدفع في اليمن

تحديات وآفاق النقود الإلكترونية وأنظمة الدفع في اليمن

ملخص تنفيذي

يمتلك اليمن اقتصادًا يعتمد بشكل كبير على النقد ويعاني من مستويات منخفضة من الشمول المالي. يُعد القطاع المصرفي الرسمي في البلاد غير متطور، ويتسم بضعف قاعدة رأس المال والتركز في المناطق الحضرية، مما تعذر على الغالبية العظمى من اليمنيين الوصول إلى خدماته. شرع البنك المركزي اليمني قُبيل النزاع الحالي في حزمة إصلاحات تهدف إلى تطوير البنية التحتية للقطاع المالي اليمني، والحد من هيمنة النقد من خلال تحسين المعاملات الإلكترونية بين البنوك وأنظمة الدفع الإلكتروني المحلية، ومن بينها خدمات النقود الإلكترونية وخدمات الأموال عبر الهاتف المحمول. ونظرًا للانتشار الواسع للهواتف المحمولة بين السكان، فإن نجاح تلك الإصلاحات قد يزيد نسبة الشمول المالي بشكل كبير، إلا أن اندلاع الصراع المستمر حتى يومنا هذا أعاق التقدم المحرز في هذا الصدد.

تبحث هذه الورقة في القوانين الحالية المتعلقة باستخدام النقود الإلكترونية في اليمن، والمساعي الرامية الى تبني خدمات النقود الإلكترونية قبل وأثناء النزاع، واللاعبين الرئيسيين، وحالة البنية التحتية في هذا القطاع، والتحديات والآفاق المرتبطة باعتماد العملة الإلكترونية على نطاق أوسع في البلاد.

بشكل عام، ارتبط اعتماد النقود الإلكترونية في جميع أنحاء العالم بثلاثة أنواع من البيئات التنظيمية: أسواق عالية التنظيم ومتوسطة ومحدودة التنظيم. في اليمن، اتسم الإطار القانوني السائد قبل عام 2014 بسوق شديدة التنظيم -والتي تمنح الحق في تقديم الخدمات الإلكترونية للبنوك فقط -رغم أن التطبيق ظل محدودًا من الناحية العملية. تصاعدت حدة الصراع اليمني عام 2015، وبحلول 2016 كان البنك المركزي اليمني منقسمًا عبر خطوط المواجهة، مع تنافس فرعي عدن وصنعاء على الهيمنة، الفرع التابع للحكومة المعترف بها دوليًا والآخر التابع لسلطات الحوثيين، على التوالي. في السنوات التالية، اتخذ البنك المركزي في صنعاء خطوات تصعيدية لتأسيس نموذج غير مصرفي محدود التنظيم لتقديم الخدمات المالية الإلكترونية، وهو ما عارضه البنك المركزي في عدن، متمسكًا بالإطار القانوني لما قبل الحرب.

مع الأخذ بعين الاعتبار النزاع المسلح في اليمن، والأزمة السياسية، والانقسام المؤسسي العميق داخل مؤسسات الدولة الرئيسية، بما في ذلك البرلمان والبنك المركزي اليمني، والبنية التحتية غير المتطورة للدفع الإلكتروني بشكل عام، من غير المرجح تحقيق استخدام واسع النطاق للنقود الإلكترونية. في ظل النزاع الدائر، من شأن اتخاذ أي خطوات أحادية جريئة من جانب أي من أطراف الصراع المتناحرة أن يعمق الانقسامات داخل المؤسسات المعنية بتفعيل خدمات الدفع الإلكتروني. يرتبط تحقيق المبادرات الشاملة لتعزيز النظام البيئي لتقديم خدمات النقود الإلكترونية والدفع الإلكتروني على الدوام بإنهاء الانقسام السياسي وتحقيق الاستقرار في النظام النقدي، وهو ما يجب أن يبدأ بتوحيد فرعي البنك المركزي اليمني وسعر الصرف الرسمي.

​​وحتى يتم التوصل إلى تسوية، توصي هذه الورقة أصحاب المصلحة المهتمين بتطبيق الخدمات المالية الإلكترونية في اليمن بتبني نهج "عدم الإضرار". ينبغي أن يركز ذلك بوجه عام على دعم إعادة توحيد البيئة التنظيمية للبلد، ومراعاة دعم المؤسسات العامة والخاصة في تطوير القدرات والبنية التحتية اللازمة لتقديم خدمات النقود الإلكترونية والدفع الإلكتروني، بطريقة لا تتسبب في تفاقم الفوضى الراهنة في البيئة التنظيمية والنظام النقدي.

على المدى الطويل، ينبغي لأصحاب المصلحة الدوليين دعم البنك المركزي اليمني في وضع خطط استراتيجية لتحقيق الاستقرار في النظام النقدي وتعزيز استقرار النظام المالي، بما ذلك وضع استراتيجية لنظام المدفوعات الوطني تنطوي على تعزيز البنية التحتية للمدفوعات وتسهيل تحوّل مدروس نحو المدفوعات الإلكترونية.

 

أقرا أيضًا في أوراق بيضاء

الحكم المحلي في اليمن في ظل النزاع والاضطراب

يوليو 29، 2018 أوراق بيضاء
تعتبر المجالس المحلية من أهم المؤسسات الرسمية اليمنية، فهي مسؤولة عن توفير الخدمات العامة الأساسية لملايين اليمنيين، كما تمثل الحكم الرسمي والدولة اليمنية لشريحة ضخمة من السكان، إلا أن تفاقم النزاع منذ آذار / مارس 2015 قوض قدرة هذه المجالس على العمل بفعالية في معظم أنحاء البلاد. تعتمد المجالس المحلية بشكل كبير على التمويل الحكومي وبدرجة أقل على الإيرادات المحلية كالرسوم على المرافق الأساسية…

قطاع النقل البرّي والطّرق في اليمن القضايا الحرجة والسياسات ذات الأولوية

مارس 17، 2022 أوراق بيضاء
يعدّ النقل البري أحد أهم وسائل النقل وأكثرها استخداما. اليمن يعتبر بلد ريفي في الغالب حيث يعيش أكثر من 70% من السكان في 140,000 تجمّع سكاني ينتشر في أنحاء الريف، ويحتاج معظمها إلى طرق وتضمّ أكثر السكان فقرا. وبالتالي فإن النقل البري ضروري للتنمية الريفية والنمو الاقتصادي العام. وتشكّل الطرق الريفية تحدّيا كبيرا للتنمية في اليمن؛ إذ لم تعبّد منها إلا نحو 3,744كم في المناطق الريفية، وهي لا…

مشاركة القطاع الخاص في مرحلة ما بعد النزاع في اليمن

أغسطس 29، 2018 أوراق بيضاء
أمضى اليمن معظم سنواته الستين الماضية غارقا في نزاعات مسلحة وأزمات سياسية، حيث كانت الاضطرابات والقلاقل الأمنية من أبرز العوامل التي أعاقت نضج القطاع الخاص وقيام دولة قوية ذات مؤسسات عامة ناجعة. يتألف القطاع الخاص اليمني بغالبيته العظمى من شركات صغيرة أو صغيرة جدا، علما أنها توفّر لما يقرب من 70% من اليمنيين العاملين مصادر أرزاقهم. بالمقابل توفر الزراعة الريفية تقليديا مصدر عمل لأكثر من نصف…