الاصدارات

موجز السياسات

إعادة الإعمار ما بعد النزاع في اليمن: إطار عمل مؤسّسي

إعادة الإعمار ما بعد النزاع في اليمن: إطار عمل مؤسّسي

ملخص تنفيذي

اتسمت الجهود السابقة لإعادة الإعمار ما بعد النزاع أو الكوارث الطبيعية في اليمن بضعف التنسيق، وارتفاع توقعات المانحين الدوليين، ومحدودية قدرات الحكومة اليمنية على استيعاب المساعدات وتنفيذ المشاريع، مما أدى إلى عدم تحقق تغيير ملموس على المدى الطويل.

في ضوء هذه الدروس المستخلصة من سياقات مشابهة لما بعد النزاع وكذلك من الماضي اليمني نفسه، يقترح موجز السياسات أدناه إيجاد بنية مؤسسية واضحة وقوية لإعادة إعمار مستقبلية في اليمن، تتمثل في هيئة عامة دائمة ومستقلة لإعادة الإعمار، تعمل على تمكين وتنسيق العمل بين مكاتب إعادة الاعمار المحلية التي ستؤسس على المستوى المحلي في المناطق المتأثرة بالصراع او الكوارث الطبيعية. ولا يأتي هذا المقترح نتيجة للدروس السابقة فقط، ولكن أيضا استجابة للحاجة الملحة لمثل هـذه الهيئة للبدء في التخطيط وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار بأفضل ما يمكن.

يجب أن يكون لهذه الهيئة المعنية بإعادة الإعمار صلاحيات واضحة لإدارة جميع المهام المطلوبة في عملية إعادة الإعمار في أعقاب النزاع الحالي، وأيضاً الأزمات المقبلة. وينبغي أن يضم مجلس إدارتها مجموعة من أصحاب المصلحة، وأن يرأسها نائب رئيس الوزراء لشؤون إعادة الإعمار لضمان حصولها على أعلى مستويات الدعم. كما ينبغي أن تتخذ نهجاً مؤسسياً مختلطاً شاملاً ومتعدد المستويات، وأن تمتلك خطة واضحة طويلة الأمد لبناء قدرات الدولة. عليها كذلك أن تنشئ وحدة رصد وتقييم خاصة بها لإثبات الالتزام بالشفافية. الأهم من ذلك أن عليها وضع إطار واضح للعمل عن كثب مع جميع أصحاب المصلحة.

 

المقدمة

يعود النزاع الحالي في اليمن إلى عقود من الاضطراب السياسي والاقتصادي. وأية جهود لإعادة الإعمار في المستقبل ستكون مهمة شاقة. فعلى سبيل المثال تظهر تقديرات البنك الدولي ان قرابة ربع شبكة الطرق قد هدمت إما جزئيا أو كليا في عشر مدن يمنية تم فيها المسح خلال العام 2016، إضافة إلى تراجع إنتاج الطاقة إلى النصف، وكذلك تدمير قرابة نصف شبكات المياه والصرف الصحي. ومع تفاقم حدة الصراع منذ ذلك العام، يتوقع أن مستوى الدمار يفوق تلك التقديرات بشكل كبير.

في أوائل عام 2017 أعلنت الأمم المتحدة أن اليمن يمثل أسوأ أزمة إنسانية في العالم؛ وبحلول نهاية العام، وحتى إبريل ٢٠١٨ كان حوالي 22.2 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منهم 8.4 مليون إنسان معرضين لخطر المجاعة . وقد عانى الاقتصاد اليمني من انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٤٧.١% بين 2015 و2017، في حين أفادت 40% من الأسر عن فقدان مصدر دخلها الأساسي . وقد تم تعليق معظم الخدمات العامة، مما أدى إلى خسارة 16 مليون شخص القدرة على الوصول إلى مياه صالحة للشرب وفقدان 16.4 مليون شخص القدرة على الحصول على رعاية صحية مناسبة.

وفي الواقع المعاش حاليا لا توجد دلائل على انتهاء النزاع قريباً. لكن يتوجب على أصحاب المصلحة المعنيين بتحقيق سلام دائم في اليمن سرعة البدء في إرساء الأساس لإطار إعادة الإعمار في أعقاب توقف الحرب كونها مهمة عاجلة. وقد أثبتت التجارب الدولية أن من الضرورة البدء مبكراً في التخطيط لإعادة الإعمار.

يتكون هذا الموجز والذي هو مبني على ورقة بحثية تفصيلية (ورقة بيضاء) على الأقسام التالية:

  • القسم الأول: تم فيه استعراض تجارب اليمن السابقة في التعافي وإعادة الإعمار بعد الكوارث الطبيعية والصراعات المسلحة.
  • القسم الثاني: قدم مقترحاً لنموذج مؤسسي جديد لإعادة الإعمار يتولى إدارة سياسات/برامج الإعمار، عبر إنشاء هيئة مستقلة لإعادة الإعمار والتنسيق بين جميع أصحاب المصلحة.

تسعى هذه الورقة إلى تحديد كيفية ضمان التدفق السليم للأموال ودقة توقيت وجودة تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار بعد الحرب. كما أن التقرير يؤكد على أهمية حوكمة ويمننه الهيئة – أي قيادة هذا الجهد من قبل اليمنيين والحرص على إشراك وتأييد جميع أصحاب المصلحة اليمنيين. من شأن هذا الإطار الشامل أن يبني قدرة الدولة اليمنية على تلبية الاحتياجات والحقوق الأساسية لمواطنيها، مما يضع البلاد على طريق الاستقرار الدائم.

 

جهود إعادة الإعمار السابقة في اليمن

خاضت اليمن تجارب عديدة لإعادة الإعمار، نظراً لتجارب طويلة مع الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة، ففي العقود الأخيرة، أصابت اليمن العديد من الكوارث الطبيعية، فقد أدى الزلزال الذي وقع في ذمار عام 1982 إلى مقتل قرابة 2500 إنسان وإصابة 1500 آخرين بجروح، وقدرت قيمة الخسائر التي سببها الزلزال بـ2 مليار دولار. بالرغم من أن المكتب التنفيذي لإعادة إعمار أضرار زلزال ذمار، الذي أنشئ بعد الزلزال، قام ببناء وحدات سكنية مقاومة للزلازل إلا أن معظمها لم تسكن إلى اليوم وذلك لعدم ملاءمتها الثقافية لمتطلبات المجتمعات المحلية. لم يكن دور المكتب التنفيذي فعالاً أيضا بسبب قدرته المحدودة على التنسيق والرقابة. كما تسببت فيضانات حضرموت والمهرة في عام 2008 بخسائر قدرت بنحو 1.6 مليار دولارا . وبالرغم من نجاح صندوق إعادة إعمار حضرموت والمهرة في إشراك أصحاب المصلحة المحليين، لكنه افتقر إلى آلية تنسيقية وإطار رقابي فعال. ولم يتمكن الصندوق من الاستفادة من مبلغ الـ210 مليون دولار الذي خصص له بشكل كامل، فقد تمكن من إنفاق 70% فقط من إجمالي التمويل المتاح له.

كذلك شهدت اليمن سنوات من الاضطرابات المستمرة. فقد أدى النزاع المتكرر في محافظة صعدة بين 2004 و2010 إلى مقتل المئات وإصابة آلاف آخرين، وتسبب في أضرار تقدر بحوالي 600 مليون دولار . وقد أنشئ صندوق لإعادة إعمار صعدة بموازنة قدرها 55 مليون دولار من الحكومة اليمنية، إلا أنه أهمل البنية التحتية العامة لصالح إعادة بناء الممتلكات الخاصة، كما واجه اتهامات واسعة النطاق بـ”التحيز في إعادة الإعمار”، حيث توجهت جهود إعادة الإعمار إلى مناطق دون أخرى بناء على الولاءات الشخصية وليس الحاجات المحلية.

وقد بلغت تكلفة سيطرة تنظيم القاعدة على محافظة أبين وما تلا ذلك من عمليات قتالية في الفترة 2011-2012 قرابة ـ580 مليون دولار . خصصت موازنة لصندوق إعادة إعمار أبين بمبلغ 46.5 مليون دولار، غير أن الصندوق لم يقدم شيئاً يذكر لاستيعاب هذا التمويل، وسرعان ما ساءت سمعته نتيجة سوء الإدارة والفساد والاختلاس. وقد قدر تقرير تقييم الصندوق أن 4.2 مليون دولار أنفقت بأشكال احتيالية و1.4 مليون دولار منحت كتعويضات لمستفيدين وهميين.

وبناء على طلب المانحين الدوليين، أنشئ المكتب التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين ودعم سياسات الإصلاحات عام 2012 لبناء قدرات الدولة بعد أحداث عام 2011 . ومع ذلك، لم يكن لدى المكتب الصلاحية السياسية اللازمة للتغلب على مقاومة الوزارات التي اعتبرت المكتب منافساً لها. عندما استولى المقاتلون الحوثيون على صنعاء أواخر 2014، تراجعت قدرة المكتب التنفيذي على العمل. وعلى الرغم من المحاولات اللاحقة لإحيائه، فإن تمويل المانحين للمكتب انتهى منتصف العام 2015؛ ومع تدهور الحالة الأمنية، تم سحب تمويل المكتب.

مع ذلك، فإن لدى اليمن أمثلة ناجحة لمبادرات مبتكرة لاستيعاب أموال المانحين وتقديم الخدمات العامة، وإن لم تكن في سياق ما بعد النزاع .

فمنذ منتصف التسعينات، عملت وكالات شبه مستقلة بالتوازي مع الحكومة المركزية لتقديم الخدمات العامة وبالذات في المناطق الريفية. فقدم مشروع الأشغال العامة، وصندوق الرعاية الاجتماعية، والصندوق الاجتماعي للتنمية، نموذجاً لتوفير خدمات تتسم بالكفاءة والفعالية والشفافية في اليمن. لدى كل من هذه المؤسسات سلطة قانونية مصممة بعناية توفر استقلالية كافية مع الاحتفاظ بعلاقة محددة جيداً مع الحكومة. وهي هيئات مستقلة ولها نظمها الخاصة الشفافة والفعالة، وتتخذ نهجاً لامركزياً تقوده المجتمعات المحلية، وقد اجتذبت بذلك مستوى أعلى من انخراط الجهات المانحة وتمويلها. إلا أنها صُمّمت لتكون بديلاً قصير الأجل فقط؛ حيث لا توجد استراتيجية واضحة لكيفية دمجها بشكل دائم في الهيكل الحكومي.

 

التطلع قدماً لإعادة إعمار اليمن بعد انتهاء النزاع

كما هو موضح أعلاه، لم تتمكن جهود إعادة الإعمار اليمنية من استيعاب المساعدات أو تنفيذ المشاريع بنجاح. ولا توفر المبادرات السابقة نموذجاً ناجحاً يمكن الاعتماد عليه لإعادة الإعمار في المستقبل، لا سيما وأن الدمار الحالي يفوق بكثير ما أحدثته الكوارث أو النزاعات السابقة. ومع ذلك، ثمة إمكانية للبناء على المخطط المؤسسي للمكتب التنفيذي، وبالمثل، الشروع في تدخلات إعادة الإعمار من خلال نماذج محلية لديها مزايا الفهم العميق للمجتمع، والانتشار الوطني، والقوى العاملة المهنية مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة.

يقترح موجز السياسات أن تكون الخطوة القادمة لإعادة الاعمار في اليمن هي إيجاد إطار مؤسسي استباقي للتعامل مع ما خلفه الصراع القائم أو مع أية كوارث قادمة، ويتطلب ذلك انشاء هيئة عامة دائمة ومستقلة لإعادة الإعمار، تعمل على تمكين وتنسيق العمل بين مكاتب إعادة الاعمار المحلية التي ستؤسس على المستوى المحلي في المناطق المتأثرة بالصراع او الكوارث الطبيعية.

وتتركز مهام هذه الهيئة حول إدارة جميع المهام المطلوبة في عملية إعادة الإعمار، مثل التخطيط الحالي والمستقبلي في مرحلة ما بعد النزاع أو إعادة الإعمار؛ تصميم السياسات؛ التمويل وجمع الأموال؛ والتنسيق مع جميع أصحاب المصلحة. كما ينبغي على هيئة إعادة الإعمار أن تحتفظ بالمهام الأساسية اللازمة لعملية شفافة: الرقابة والتقييم؛ الإبلاغ؛ والإشراف على المشاريع الوطنية الاستراتيجية.

ولتحقيق هذه المهام، يتوجب على الهيئة أن:

  • تكون هيئة عامة ومستقلة.
  • تنشأ بمرسوم رئاسي يحدد مهامها وسلطاتها ومسؤولياتها، ويكون لديها لوائح خاصة بها للمشتريات وتوظيف الأفراد وسياسة الأجور.
    يضم مجلس إدارة هيئة إعادة الإعمار ممثلين من أصحاب المصلحة: ممثلين عن مجتمع المانحين (سواء من داخل مجلس التعاون الخليجي أو من الجهات المانحة الدولية)؛ ممثلين عن مجلس الوزراء؛ ممثلين عن القطاع الخاص؛ بالإضافة إلى المدير التنفيذي لهيئة إعادة الإعمار. وينبغي أن يرأس مجلس الإدارة نائب رئيس الوزراء لشؤون إعادة الإعمار لضمان أعلى مستوى من الدعم لهذه الهيئة. كما ينبغي أن تقتصر مسؤوليات المجلس بشكل واضح وصارم على المستوى الاستراتيجي، بما يكفل امتلاك الإدارة التنفيذية لهيئة إعادة الإعمار المرونة اللازمة لتنفيذ خطط إعادة الإعمار على نحو فعال.
  • تنشأ مكاتب محلية تعمل ككيانات لإدارة العمليات على المستوى المحلي. ستقوم الهيئة العامة لإعادة الإعمار بتفويض الصلاحيات إلى المكاتب المحلية، ويقترح إنشاء هذه المكاتب في عدن وصنعاء وصعدة وتعز. تتركز مهام هذه المكاتب المحلية حول تصميم وتخطيط جهود إعادة الإعمار على المستوى المحلي. كما يتوجب على الهيئة العامة إنشاء مكاتب إضافية في المناطق الأخرى التي تأثرت بالصراع او أية كوارث طبيعية.
  • ينبغي أن تتبع هيئة إعادة الإعمار عملية تنافسية شفافة وقائمة على الجدارة لتعيين مديرها التنفيذي وجميع موظفيها. كما يجب أن يقوم مجلس إدارة هيئة إعادة الإعمار بتعيين (على حسب ترشيحات المدير التنفيذي) مدراء مكاتب إعادة الإعمار المحلية بنفس الاَلية. وينبغي اتباع نفس سياسة التوظيف للمكاتب المحلية للموظفين لإنجاز أعمال إعادة الإعمار بفعالية وسرعة.
  • تعتمد الهيئة نهجاً مؤسسياً مختلطاً، بحيث يشمل أصحاب المصلحة اليمنيين الرئيسيين: الحكومة المركزية، السلطات المحلية، المنظمات غير الحكومية المحلية، القطاع الخاص، ومؤسسات شبه حكومية كالصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال وغيرها. ولأنه من غير العملي الاعتماد فقط على الحكومة المركزية الضعيفة لإعادة الإعمار بعد النزاع مباشرة في جميع أنحاء اليمن، ينبغي أن تشارك الحكومة المركزية فقط في التخطيط الاستراتيجي؛ وفي السنوات التي تلي النزاع، يجب أن يتم التركيز على تنفيذ مشاريع صغيرة في المقام الأول في المجتمعات المتضررة وأيضاً في جميع أنحاء اليمن. إن التركيز على احتياجات المناطق المتضررة لا يعني بالضرورة تجاهل بقية البلاد، خاصة إذا أدى استشعار المحسوبية إلى سخط شعبي على الدولة.
  • ينبغي أيضاً تكريس الجهود لاحتياجات وتنمية النساء والشباب والفئات المهمشة.
  • يجب أن تعمل هيئة إعادة الإعمار على إنشاء صندوق مشترك لجميع المانحين. يمكن إدارة هذا الصندوق بصفة مشتركة من قبل هيئة إعادة الإعمار وبنك تنمية دولي أو إقليمي. ويمكن أن يكون لهذا الصندوق حساب منفصل ومستقل عن ميزانية الحكومة لجمع أموال المانحين، وينبغي أن يتم تدقيق حساباته بشكل روتيني من قبل منظمة مستقلة وفقاً للمعايير الدولية لمراجعة الحسابات .
  • ينبغي على هيئة إعادة الإعمار أن تنشئ وحدة رقابة وتقييم خاصة بها. يمكن لهذه الوحدة أن تعمل بالتعاون والتنسيق مع هيئات الرقابة والتقييم الموجودة بالفعل في الحكومة اليمنية، كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والمجلس الأعلى للقضاء. بإنشائها وحدة رقابة وتقييم خاصة بها، تعبر هيئة إعادة الإعمار عن مسؤوليتها وشفافيتها، مع الحفاظ على درجة مقبولة من الملكية الوطنية بشأن إعادة الإعمار.
  • بشكل أعم، يجب أن تكون لدى هيئة إعادة الإعمار خطة استراتيجية طويلة الأجل لتوطيد وتحديد أولويات تمويل إعادة الإعمار من موارد يمنية. يمكن توقع تمويل خارجي وافر على المدى القصير، ولكنه قد ينخفض على المدى المتوسط والطويل. من شأن هذه السياسات أن تكفل توفير الأموال الكافية لجهود التعمير الطويلة الأجل عند انخفاض التمويل الخارجي.

ولإدارة العلاقة مع أصحاب المصلحة، يتوجب على الهيئة:

  • التنسيق بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية على جميع المستويات. يجب أن يكون لكل مستوى من المستويات الحكومية نطاق واضح من المشاركة، بحيث تعمل السلطات المحلية بالتعاون مع مكاتب إعادة الإعمار المحلية، وتكون قادرة على اقتراح المشاريع، في حين تعمل هيئة إعادة الإعمار العامة مع الحكومة المركزية على التخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني. يقوم مجلس الوزراء بتوفير حصة الحكومة اليمنية من التمويل والمساهمات العينية، كما تواصل الوزارات التنفيذية تقديم الخدمات العامة الجارية، وتقديم البيانات المتعلقة بالمشاريع المخططة، وإدارة مشاريع التعمير بعد إكمالها. وفي المقابل، تقدم هيئة إعادة الإعمار للحكومة المركزية توصيات فنية، بما يضمن تعزيز قدرة الحكومة على الحفاظ على المشاريع المنجزة. وينبغي للعلاقات بين مكاتب إعادة الإعمار على المستويات المحلية أن تتبع نفس النمط.
  • أن تثبت للشركاء الدوليين التزامها بالشفافية والفعالية. يشير وجود ممثلي المانحين في مجلس إدارة هيئة إعادة الإعمار إلى شراكة حقيقية بين اليمن والمانحين الدوليين والإقليميين، ويمكن توقيع اتفاق رسمي بين الحكومة والجهات المانحة الدولية يضمن توضيح أدوار الشركاء الدوليين، وتحديد آلية للامتثال، وتشجيع المانحين على تقديم التمويل على المدى القصير والطويل، وكذلك تحديد الالتزامات الحكومية، وضمان الملكية الوطنية لبرامج إعادة الإعمار.
  • أن تشمل القطاع الخاص في عملية إعادة الإعمار: حيث يمكن للقطاع الخاص تمويل وتوريد وتنفيذ متطلبات وجهود إعادة الإعمار. وينبغي على هيئة إعادة الإعمار أن تطور القدرة على إقامة شراكات متينة بين القطاعين العام والخاص، وأن تشرف على مناقصات تنافسية للمشاريع، وأن تستمد خدماتها من المصادر المحلية قدر الإمكان.
  • أن تعامل المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية كشريك أساسي في إعادة الإعمار. لا أحد يعرف احتياجات المجتمع المحلي أفضل من أبناء المجتمع نفسه: فهم لديهم الخبرة في تحديد الأولويات الأكثر أهمية لمجتمعاتهم، ويمكن لهذه المجتمعات أن تمثل قناة هامة للحصول على المعلومات حول تقدم عملية إعادة الإعمار. كما يتوجب على المنظمات غير الحكومية أن توفر حلقة وصل هامة بشكل خاص مع المجموعات المتضررة من النزاع، مما يجعل احتياجات هذه الفئات وشواغلها جزءاً من عملية إعادة الإعمار، وكذلك القيام بالدور الرقابي على تنفيذ مشاريع إعادة الاعمار. كما يمكن أن تعقد جلسات استشارية مع المجتمعات المحلية والنساء والشباب والفئات المهمشة. كما يمكن للجامعات والمراكز البحثية والاستشارية وجمعيات الأعمال أن توفر مصدراً للمقترحات المهنية المستقلة والتقييم والمشورة.

على عملية إعادة الإعمار في اليمن أن تتبع نموذجاً يستجيب للحقائق على أرض الواقع، ويبني قدرة الدولة، ويضمن الشفافية، وينسق بين الأطراف ذات العلاقة بكفاءة. يجب أن تعزز الثقة ليس فقط مع الجهات المانحة ولكن أيضاً بين السلطات السياسية اليمنية وعموم المواطنين. كما يجب أن تنسق بشكل جيد مع المانحين الدوليين مع الحفاظ على ملكية اليمنيين لإعادة الإعمار. ينبغي تركيز الجهود ليس فقط على المناطق المتضررة ولكن على السكان اليمنيين ككل، ويتمثل ذلك في توفير الخدمات الأساسية وخلق فرص عمل في جميع المناطق. فاحتمالية العودة إلى النزاع تكون أقل إذا كان السكان منشغلين بأعمال تعود عليهم بالمال والمنفعة. كما أن احتمال دعمهم للسلام أكبر إذا كانوا يشعرون بزيادة الرفاهية، ويرون تحسناً في تقديم الخدمات العامة، ويسمعون أخباراً عن مشاريع التنمية الناجحة. على هذا النحو، سيكون لنموذج مؤسسي لإعادة الإعمار يؤكد على الملكية الوطنية والشفافية والشمولية فرصة كبيرة لتوطيد السلام على المدى الطويل.

أقرا أيضًا في موجز السياسات

تضخم يفوق القدرات المالية: الحاجة إلى إصلاح نفقات رواتب القطاع العام

سبتمبر 23، 2019 موجز السياسات
يتناول موجز السياسة هذا تضخم القطاع العام في اليمن. قبل الحرب، كانت رواتب القطاع العام مصدرا للضغوط المالية المستمرة، وذلك بسبب عقود من الفساد والمحسوبية في التعيينات والعديد من العوامل الأخرى. أسفرت الجهود السابقة لتقليص حجم الكادر البشري في القطاع العام، ولا سيما تلك التي يدعمها البنك الدولي، عن نتائج ملموسة قليلة، كما يبين هذا الموجز. خلال النزاع، أضافت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا…

اليمن: تداعيات الحرب على القوى العاملة من النساء

يوليو 23، 2019 موجز السياسات
يلقي موجز السياسة هذا الضوء على كيفية تأثير النزاع الراهن في اليمن على مشاركة المرأة في سوق العمل، حيث وجد أن النزاع المطول قد دفع كثير من النساء إلى سوق العمل في صور جديدة ومختلفة. في بعض الحالات، بدأت المرأة تعمل في مهن هيمن عليها الرجال في الماضي، وفي حالات أخرى بدأت النساء بإنشاء مشاريع جديدة من منازلهن في أغلب الأحيان، والبعض منهن لجأن إلى ممارسة أعمال بدنية شاقة متدنية الأجور استجابة…

إعادة هيكلة المالية العامة في اليمن

أكتوبر 2، 2019 موجز السياسات
لم يكن تفاقم سوء هيكلة المالية العامة في اليمن وليد النزاع الجاري، فقد عانت اليمن، حتى قبل النزاع الجاري، من الاعتماد بصورة مفرطة على صادرات الطاقة، وتعد أحد الدول الادنى معدلات جباية للضرائب في العالم، كما تعاني الموازنة العامة وميزان المدفوعات من عجز مزمن. لجأت الحكومة اليمنية إلى سد العجز التشغيلي المترسخ عن طريق استخدام أدوات الدين المحلية لسحب الاستثمارات من القطاع الخاص، الاقتراض من…