موجز السياسات
أولويات مقترحة لسياسات الحكومة اليمنية
ملخص تنفيذي
يلخص موجز السياسات هذا التوصيات الخاصة بالأولويات الفورية للحكومة اليمنية الرامية إلى تحقيق مكاسب سريعة، وإلى تهيئة المناخ لتحقيق نجاح على المدى المتوسط والطويل. هذه التوصيات هي نتائج مناقشات معمقة جرت خلال منتدى رواد التنمية الرابع الذي عُقد خلال الفترة من 8 إلى 11 ديسمبر / كانون الأول 2018 بالعاصمة الأردنية عمّان. صُممت التوصيات لتزويد رئيس الوزراء د. معين عبد الملك سعيد وحكومته بمجموعة من التدابير العملية لمساعدة الحكومة في الإستفادة من الزخم التي حققتها خلال الربع الأخير من عام 2018.
فيما يخص الأولويات الفورية، يوصي رواد التنمية بإجراء خطوات عملية لدعم استقرار العملة المحلية بناء على التقدم الملموس في استقرار الريال اليمني وأسعار الصرف في السوق. كما يحث رواد التنمية الحكومة اليمنية على دفع مرتبات موظفي القطاع العام والمتقاعدين والمعاشات الحكومية بشكل منتظم ودون انقطاع. كما يرى رواد التنمية أن تحقيق الاستقرار في محافظة عدن من اﻷوﻟﻮﻳﺎت اﻟﻔﻮرﻳﺔ التي يتوجب على الحكومة القيام بها، وبناء على إﺟﻤﺎعهم يجب تحويل هذه المدينة الساحلية إلى نموذج تحذوه المدن اليمنية الأخرى. وأكد رواد التنمية بأن قدرة الحكومة على تحقيق هذه الأهداف يعتمد على تحسين الأمن في جميع أنحاء المحافظة.
ومع إدراكهم أن الحكومة تواجه تحديات فورية تسترعي الاهتمام في جميع أنحاء البلاد، يحث رواد التنمية الحكومة على التخطيط والتنفيذ لإجراءات تحضيرية لمستقبل البلاد على المدى المتوسط والطويل. وبدلاً من مجرد معالجة أعراض عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في اليمن، ينبغي على الحكومة تبني استراتيجية لمعالجة أسبابها الجذرية.
من أهم الإجراءات اللازمة للتحضير للأولويات على المدى المتوسط والطويل، يوصي رواد التنمية الحكومة بتفعيل وتوسيع أدوار ومسؤوليات السلطات الحكومية المحلية على مستوى المحافظات والمديريات. خلال النزاع، انتقلت سلطة صنع القرار إلى المستوى المحلي، وازدادت لامركزيتها. على الحكومة أن تبني على هذا الواقع الجديد وأن تستخدمه كمنطلق لإعادة تشكيل الدولة وعلاقتها مع السلطات الحكومية المحلية.
التوصيات
تقدم التوصيات التالية الى الحكومة اليمنية وتحتوي على قسمين: تحقيق مكاسب سريعة (الأولويات الفورية) وإجراءات للتحضير للأولويات المتوسطة والطويلة الأجل. تحتوي التوصيات الفورية على ثلاث أجزاء: أولا إجراءات لدعم استقرار العملة المحلية، ثانياً الدفع المنتظم لمرتبات القطاع العام والمتقاعدين الحكوميين، وثالثاً إجراءات تحقيق الاستقرار في محافظة عدن وتحويلها الى نموذج. ويلي ذلك تقديم التوصيات الخاصة بالإجراءات للتحضير للأولويات المتوسطة والطويلة الأجل، والتي تحتوي على تفعيل وتوسيع أدوار ومسؤوليات السلطات المحلية، واستعادة الثقة بالدولة، وتطوير برامج اقتصادية، وزيادة كفاءة الدولة، وإعادة هيكلة الديون.
الأولويات الفورية:
1. استمرار العمل على استقرار العملة المحلية وأسعار صرف العملات
ينبغي على الحكومة اليمنية اتخاذ الإجراءات التالية للبناء على التقدم الأخير المحرز بهدف تحقيق استقرار سعر صرف الريال في السوق اليمنية، حيث تؤثر تقلبات العملات بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، وبالتالي تؤثر على حياة جميع المواطنين اليمنيين.
- تفعيل جمع الإيرادات المحلية، مثل تحصيل الرسوم والضرائب من الشركات المحلية وكل الخاضعين للضريبة قانونيا.
- حماية وزيادة احتياطيات العملات الأجنبية بهدف مساعدة البنك المركزي على تنظيم وتيسير الواردات التجارية وتوفير السلع في السوق المحلية.
- تتمثل إحدى طرق زيادة احتياطيات العملات الأجنبية في إقناع المانحين الدوليين والإقليميين بما يلي: (1) الإفراج عن أي أموال لا زالت مجمدة بعد نقل مقر البنك المركزي في سبتمبر / أيلول 2016 إلى المركز الرئيسي المؤقت في عدن، و(2) وضع إيداعات إضافية في البنك المركزي تضاف إلى الوديعة السعودية البالغة 2 مليار دولار، و(3) تحويل المساعدات الإنسانية عبر البنك المركزي.
- الدعوة إلى عقد مؤتمر مانحين لتأمين تمويلات إضافية لتفعيل الاقتصاد ودعم الجهود الحالية لتحويل الواردات والتجارة الداخلية والتدفقات المالية من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي.
- تحسين استخدام الأصول الأجنبية للبنوك التجارية اليمنية للمساعدة في ضمان تغطية خطابات الاعتماد التي يتم إصدارها للتجار لاستيراد السلع الأساسية، بالإضافة إلى تحسين استخدام مصادر العملة الأجنبية المختلفة بما فيها حوالات المنظمات الدولية وإيرادات بيع النفط وحوالات المغتربين. وذلك بدلاً من الاعتماد غير المستدام على الوديعة السعودية.
- تحسين إدارة الدين العام والتحكم بالسيولة، مثلاً من خلال إيجاد طرق بديلة لزيادة كمية العملة المحلية التي يديرها البنك المركزي، بخلاف طباعة الأوراق النقدية التي تؤدي إلى التضخم. كذلك تفعيل صكوك البنوك الإسلامية وأدوات الدين العام المحلي الأخرى.
-
تعزيز كفاءة البنك المركزي في عدن لضمان استقرار سعر الصرف وتكامل السياسات المالية والنقدية الحكومية.
- التشاور المستمر مع البنوك التجارية والإسلامية في اليمن وكبار المستوردين للمواد الأساسية حول مختلف الآليات واللوائح المتعلقة بتنظيم الاستيراد وتوفير التمويلات اللازمة للمستوردين.
- تنظيم ومراقبة شركات ومنشآت الصرافة واستخدامها في تحقيق استقرار أسعار الصرف.
2. الدفع المنتظم لمرتبات القطاع العام والمتقاعدين الحكوميين.
ينبغي على الحكومة اليمنية إعطاء الأولوية لدفع مرتبات موظفي القطاع العام والمعاشات الحكومية، لأسباب ليس أقلها أن الدفع غير المنتظم لهذه الرواتب يقلل القدرة الشرائية الفردية وبالتالي يساهم في الأزمة الإنسانية الشديدة في اليمن. كما ساهم الدفع غير المنتظم للرواتب في انهيار قطاعي التعليم والرعاية الصحية. مع وضع هذا في الاعتبار، يقدم رواد التنمية التوصيات التالية:
- دفع رواتب جميع موظفي القطاع العام في وحدات الجهاز الإداري للدولة في جميع أنحاء البلاد وفقا لبيانات وزارة الخدمة المدنية والتأمينات لعام 2014.
- يجب إعطاء الأولوية لموظفي القطاع العام العاملين في قطاعي التعليم والرعاية الصحية، حيث تمثل هذه القطاعات 85% من إجمالي الموظفين في وحدات الجهاز الإداري الدولة.
- استمرار توفير السيولة لصرف معاشات المتقاعدين المشمولين في الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في عموم الجمهورية لكافة المتقاعدين الذين تم استكمال إجراءات ربط معاشاتهم.
- التنسيق مع المصارف التجارية والإسلامية اليمنية لضمان دفع رواتب موظفي القطاع العام والمعاشات الحكومية بصورة منتظمة ومباشرة من خلال البنوك.
- يمكن لجزء من هذه العملية أن يشمل ضمان حصول جميع المستلمين المعتمدين على حساب نشط لدى بنك تجاري أو إسلامي يمني.
- إنشاء نظام إلكتروني صارم لوقف المدفوعات المزدوجة لموظفي القطاع العام – وفقاً لبيانات وزارة الخدمة المدنية والتأمينات لعام 2014.
- يجب استخدام البيانات البيومترية (بيانات الاستدلال البيولوجي) للحفاظ على الدقة ومنع الاحتيال وتجنب ازدواج الدفعات وضمان وصول الأموال المخصصة لرواتب القطاع العام والمعاشات الحكومية إلى المستفيدين المستهدفين.
- طلب الدعم من التحالف العربي للمساعدة في تغطية أي عجز مالي مرتبط بتوسيع المدفوعات لموظفي القطاع العام والمتقاعدين.
3. تحويل عدن إلى نموذج
إدراكاً لواقع الوضع الأمني غير المستقر في محافظة عدن، يجب على الحكومة اليمنية أخذ خطوات عملية لتحقيق الاستقرار في المحافظة وتحويلها إلى محافظة عاملة بكامل طاقتها، مع إعطاء الأولوية لتطوير المرافق الاقتصادية والبنية التحتية المحلية، بالإضافة إلى توفير الخدمات الأساسية والأمن. على الحكومة أن تقدم رسالة مفادها أنها قادرة على خلق بيئة آمنة يمكن من خلالها إدارة وتطوير المنطقة الحرة، وأن تعالج القضايا التي حدت من تطور عدن على الرغم من سيطرتها على المدينة منذ يوليو / تموز 2015.
تطوير الموارد والبنية التحتية في عدن:
- زيادة طاقة المطار والميناء والمصفاة في عدن لتعزيز النشاط التجاري وتوليد إيرادات إضافية. لتحقيق ذلك، ستحتاج الحكومة إلى معالجة وتجاوز عدد من العقبات التي تمنع في الوقت الحالي مرافق الاقتصاد والنقل الحيوية هذه من الوصول إلى إمكاناتها الكاملة، وتحد أيضاً من مشاركة القطاع الخاص.
- تقليل الوقت الذي يستغرقه المستوردون لجلب البضائع التجارية إلى اليمن عبر ميناء عدن.
- العمل مع المنظمات الدولية وشركات الشحن والتأمين لخفض تكاليف الشحن.
- على سبيل المثال، عالجت الحكومة الارتفاع المفاجئ في رسوم التأمين بعد هجوم ليمبرج (ناقلة النفط الفرنسية) في السواحل اليمنية عام 2002 عبر إنشاء حساب ضمان مجمد لتغطية أي مطالبات تأمينية، مما ساعد على خفض رسوم التأمين بشكل كبير.
- تحسين الخدمات والإجراءات الأمنية في مطار عدن الدولي ودراسة نطاق الرحلات الجوية الدولية وشركات الطيران الإضافية في المطار.
- ضمان توفير الخدمات الحيوية مثل الرعاية الصحية والكهرباء والمياه، وجمع النفايات والصرف الصحي، ومكافحة تسرب مياه المجاري.
- القيام بصيانة الطرق العابرة لعدن، وربط الطرق بالمحافظات الأخرى، بالإضافة إلى إعادة فتح أي طرق مغلقة حالياً، مثلاً في المناطق التي أقامت فيها الجماعات المسلحة نقاط تفتيش أمنية.
- إعادة بناء منازل المدنيين المتضررة من العمليات القتالية في عدن.
- تجديد المدارس وفتح فصول دراسية إضافية للحد من الاكتظاظ في المدارس.
- تفعيل الأقسام والمكاتب التنفيذية للوزارات المختلفة.
الأمن:
- منع حمل السلاح داخل المدينة وتنفيذ حملات لمنع انتشار الأسلحة.
- ضمان حرية حركة الأشخاص والبضائع إلى عدن وفي جميع أنحائها، مع معالجة أي انتهاكات مثل تلك التي يتعرض لها المواطنون القادمون من المناطق الشمالية إلى عدن أو من يمرون عبرها.
- ضبط وردع من يطلبون الرشاوى للسماح بحركة الناس والبضائع.
- قد تساعد إعادة فتح الطرق المغلقة في معالجة هذه المشكلة من خلال توفير طرق بديلة. عندما يكون هناك طريق واحد فقط، يصبح ابتزاز الرشاوى من المسافرين أسهل.
- ضبط وردع من يطلبون الرشاوى للسماح بحركة الناس والبضائع.
- تقديم تشريعات مرور جديدة ورصد الامتثال لتحسين السلامة على الطرق.
- يجب أن تتضمن هذه التشريعات إدخال آلية جديدة أو قاعدة بيانات لإصدار أرقام تسجيل ولوحات ترخيص السيارات.
- تعزيز قدرة الشرطة والقضاء على تحسين الأمن واحترام سيادة القانون.
- طلب الدعم الفني لتحسين عمل الشرطة والسلامة، على سبيل المثال من خلال إدخال كاميرات مراقبة كرادع ولتحديد الجهات المخترقة للقانون.
تمكين المجتمعات المحلية:
- بناء قنوات اتصال وأنماط مشاركة القيادات المدنية المحلية في المدينة.
إجراءات للتحضير للأولويات المتوسطة والطويلة الأجل:
1. تفعيل وتوسيع أدوار ومسؤوليات السلطات المحلية
- إعادة تشكيل العلاقة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، بما يضمن زيادة سلطة صنع القرارات المحلية.
- التماس مساهمات أكبر من ممثلي المجتمع المدني وغيرهم من قادة المجتمع المحلي.
- تقييم تدفقات الإيرادات المحلية والنمو الاقتصادي المحتمل على مستوى المحافظة والمديرية.
2. استعادة الثقة وتعزيز الهوية الوطنية والتماهي مع الدولة
- الاستفادة من السياسات العامة الناجحة في استعادة ثقة المواطن بالدولة، وذلك بناءً على فكرة أن الدولة قادرة على منح مواطنيها مستقبلاً أفضل مع تأكيد مبدأ المواطنة المتساوية.
-
التركيز على حملات التواصل والإعلام لإظهار إنجازات الحكومة في تقديم الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية لجمع الناس حول القيم المشتركة التي تزيد من احتمالية التفافهم حول الدولة. يمكن تعلم الدروس من تجارب دولية وإقليمية أخرى.
3. تطوير نماذج اقتصادية عبر برامج تجريبية
- تخطيط وتنفيذ سلسلة من البرامج التجريبية على المستوى المحلي لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، في البداية في عدد من القرى الريفية في مختلف أنحاء البلاد. يجب أن تبدأ عملية التخطيط على الفور.
- يمكن لهذه القرى النموذجية أن توفر مخططاً يمكن تصديره إلى مناطق ريفية أخرى في البلد.
- ثم ينبغي إدخال برامج تجريبية في مناطق حضرية مختارة، وينبغي تحديد المشاريع المحتملة في القطاعات التي يمكن أن تسخّر النمو الاقتصادي في المستقبل، مثل قطاع الطاقة البديلة.
- ضمان زيادة مشاركة القطاع الخاص في تخطيط وتنفيذ مشاريع التنمية المحلية والبرامج التجريبية.
- في مرحلة لاحقة، دراسة إمكانية البدء في تنفيذ مشاريع تنمية واسعة النطاق من شأنها توفير فرص عمل للعمالة المحلية، مثل بناء الطرق الرئيسية وخط السكك الحديدية الوطني. يجب على الحكومة أن تأخذ زمام المبادرة في أي مشاريع واسعة لتطوير البنية التحتية، وأن تسعى أيضاً إلى إشراك القطاع الخاص في عملية التخطيط والتنفيذ.
4. زيادة كفاءة الدولة
- تطوير آلية للتخطيط الاستراتيجي لوضع إجراءات محددة تعزز من أداء الدولة، على سبيل المثال تحسين عمل مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات الأساسية والأمن والتنمية المحلية.
- من بين الأطراف المحتملة للإشراف على هذا التخطيط الاستراتيجي مكتب رئيس الوزراء أو المجلس الاقتصادي الأعلى، والذي لا يزال يحتاج إلى إعادة تنشيطه.
- إعادة تشكيل الحكومة واستبدالها بحكومة طوارئ/تكنوقراط مصغرة بما يتناسب مع التحديات على الأرض وزيادة الكفاءة والنزاهة.
- إطلاق سلسلة من حملات الشفافية والمساءلة لتعزيز الثقة بالدولة والإجراءات التي تتخذها الحكومة، مع نشر النتائج. يجب أن تصبح هذه الحملات ممارسة دائمة ومستمرة.
- تطوير قواعد بيانات إلكترونية لتسجيل وتحديث معلومات المواطنين والمقيمين، بما في ذلك الإحصاء الوطني.
- تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة ولجنة النزاهة والتعاقد مع شركات تدقيق خاصة للقيام بعمليات التدقيق والمراجعة خاصة على الجهات الإيرادية والخدمية، وكذلك تفعيل آليات مكافحة الفساد المستشري في جميع مستويات الدولة.
5. إعادة هيكلة الديون
- بدء العمل على خطة لإعادة هيكلة الديون الخارجية والداخلية، حيث بلغ إجمالي الدين الداخلي 3.273 تريليون ريال يمني في عام 2014م، في حين بلغ إجمالي الدين الخارجي 7.3 مليار دولار في نفس العام.