الاصدارات

موجز السياسات

المنظمات الإغاثية الدولية والقطاع الخاص اليمني: الحاجة إلى تحسين التنسيق في الاستجابة الإنسانية للأزمة

المنظمات الإغاثية الدولية والقطاع الخاص اليمني: الحاجة إلى تحسين التنسيق في الاستجابة الإنسانية للأزمة

مقدمة

أدت الحرب الأهلية والتدخل العسكري الإقليمي خلال السنوات الثلاث الماضية في اليمن الى لأزمة الإنسانية الحالية، فقد أعلنت الأمم المتحدة اليمن كأكبر حالة طوارئ إنسانية في العالم منذ كانون الثاني / يناير 2017. وفي نهاية العام الماضي، قام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بإطلاق نشرة موجزة حول أبرز الاحتياجات الإنسانية لعام 2018، وقد أفادت النشرة بأن حوالي 22.2 مليون يمني بحاجة إلى شكل من أشكال الحماية أو المساعدة الإنسانية، منهم 11.3 مليون في حاجة ماسّة. شمل ذلك 17.8 مليون يمني كانوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 8.4 مليون يعانون من انعدام أمن غذائي شديد ومن خطر المجاعة. هناك نحو 16 مليون شخص يفتقرون إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي؛ كان 16.4 مليون شخص يعانون من صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية أو من عدم توفرها، حيث تعتبر نصف مستشفيات وعيادات البلد خارج الخدمة تقريباً. وبدوره أدى نقص المياه النظيفة ومحدودية الرعاية الصحية إلى زيادة عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا في اليمن إلى أكثر من مليون شخص. وحتى كانون الأول / ديسمبر 2017، تعرضت أكثر من 1,800 مدرسة للضرر أو الدمار، مما أدى إلى ترك حوالي مليوني طفل خارج المدارس، الأمر الذي ضاعفه انقطاع رواتب ثلاثة أرباع معلمي المدارس الحكومية منذ أكثر من سنة.

إن الأزمة الإنسانية في اليمن هائلة ومعقدة، وهي تشمل مجموعة واسعة من العوامل المترابطة والمتداخلة. ومع ذلك يبدو واضحاً أنه رغم التوسع الكبير لعمليات الجهات الفاعلة الدولية في المجال الإنساني لمعالجة هذه الأزمة منذ عام 2015، إلا أن القطاع الخاص اليمني هو الذي أنقذ الوضع من تدهور أسوأ بما لا يقاس. فقد منع أصحاب الأعمال اليمنيين – عبر تسهيل كل شيء من الواردات إلى النقل والإمداد والتحويل النقدي – انزلاق البلاد إلى المجاعة الجماعية. وقد قدمت شركات القطاع الخاص على نحو مماثل إجراءات إغاثية عوضت عن انهيار الدولة، والذي عجله تبخر الإيرادات الحكومية وتعليق معظم نفقات التشغيل في القطاع العام، مثل رواتب معظم موظفي الخدمة المدنية في اليمن والبالغ عددهم 1.2 مليون شخص.

 

دور القطاع الخاص في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية

يعتمد اليمن عادة على الواردات لتلبية ما يصل إلى 90 بالمئة من احتياجات سكانه الغذائية. وفقاً لمجموعة اللوجستيات التابعة للأمم المتحدة، بين يناير / كانون الثاني ومارس / آذار 2017 شكل الاستيراد التجاري 96.5 بالمئة من أكثر من 1.3 مليون طن متري من الأغذية التي دخلت البلاد؛ في حين شكلت الجهات الفاعلة الإنسانية نسبة 3.5 بالمئة المتبقية. وفيما يتعلق بالوقود خلال نفس الفترة، استحوذ المستوردون التجاريون على ما يقرب من 526,000 طن متري وصل إلى اليمن. وكما يذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في عام 2014: "تماماً كما لا يمكن للمساعدات الإنسانية تعويض غياب المؤسسات العامة، لا يمكنها أيضاً أن تحل محل الواردات التجارية وعمل الأسواق المحلية لتلبية الغالبية العظمى من احتياجات اليمنيين للبقاء على قيد الحياة".

ومن علامات تآكل الخدمات الحكومية، من بين أمور أخرى، انخفاض إنتاج الكهرباء في القطاع العام إلى ما يقرب الصفر في معظم أنحاء البلد. واستجابة لذلك، سھلت الأعمال التجارية عملية انتقال سريعة وواسعة نحو الطاقة الشمسية بالنسبة للكثير من الأسر في العديد من المناطق، مع توفير الوصول إلى المولدات والمعدات وقطع الغيار الصناعية والخبرات للإبقاء على مختلف شبكات المياه ومرافق الرعاية الصحية في المدن اليمنية الرئيسية، وخاصة صنعاء والحديدة وتعز. كما ظلت العديد من المرافق الطبية الخاصة مفتوحة – غالباً لتقديم خدماتها للأشخاص غير القادرين على الدفع – في المناطق التي شهدت إغلاق العيادات العامة، هذا بينما سهلت الشركات اليمنية تدفق الإمدادات الطبية إلى الصيدليات والمرافق العامة والخاصة والإنسانية في جميع أنحاء البلاد.

في استبيان أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في آب / أغسطس 2017 ضم 53 ممثل لمؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في اليمن، في جميع القطاعات الصناعية، أفيد أن أربع من بين كل خمس من هذه المنظمات تساعد الأشخاص المتضررين من النزاع. كما ذكرت هذه المؤسسات أن أهم أشكال المساعدة التي تقدمها تشمل الخدمات المالية والغذائية والصحية.

كذلك أفاد الاستبيان الذي أجراه كاتب هذا الموجز مع أصحاب الأعمال اليمنيين في تشرين الثاني / نوفمبر 2017 أن جميع المشاركين يعتبرون أنفسهم مساهمين في محاولة التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية[1]. تراوحت هذه المحاولات بين التوزيعات النقدية، وإعداد سلال الأغذية وتوزيعها، وصولاً إلى توريد المستلزمات الطبية للمصابين بالكوليرا. وعلى الرغم من محدودية الطلب في السوق على سلعهم، إلا أن جميع أصحاب الأعمال قالوا أنهم احتفظوا بأغلبية القوى العاملة – ولو من خلال استراتيجيات تكيف سلبية، كخفض الرواتب والاستحقاقات وأيضاً تقليل ساعات العمل – وذلك كجزء من إجمالي جهودهم للتخفيف من حدة الأزمة.

يعتقد غالبية أصحاب الأعمال أن مشاركتهم في أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات هي نوع من مساهمتهم في العمل الإنساني؛ وقد أفاد أحدهم بأنه يملك مؤسسة خيرية، في حين يقوم الآخرون بتوزيع الدعم من خلال شركاتهم. وفيما يتعلق بهؤلاء الأخيرين، قامت الشركات لأغراض توزيع المعونة بتطوير وحماية قواعد بيانات للمستفيدين باستخدام شبكات غير رسمية من أسر وأصدقاء وجيران. وبشكل عام يقدم الدعم موظفو الشركات من ذوي الخبرة في مجال الإغاثة الإنسانية. كما ذكر أصحاب الأعمال أن أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات سابقة على الصراع الحالي، ومع ذلك، ومنذ بدء الصراع الحالي، انخفض مستوى أنشطة المسؤولية الاجتماعية نسبيا عن تلك التي كانوا قد اعتادوا على الانخراط فيها.

 

العلاقات مع الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية

من جهة أخرى، لعبت الشركات الخاصة دوراً أساسياً في توزيع المساعدات الإنسانية الدولية في اليمن، بما في ذلك التحويلات النقدية والسلع المادية. فعلى سبيل المثال، سجل أحد مصارف التمويل الأصغر في اليمن عام 2017 نحو 1.5 مليون تحويل نقدي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 29.5 مليار ريال يمني، وذلك لمستفيدين من المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء اليمن.[2] في مثال آخر، من عام 2015، كانت لدى الوكالات الإنسانية 63 شاحنة تحمل إمدادات الإغاثة، بما في ذلك السلال الغذائية والأدوية تقطعت بها السبل في صنعاء بسبب العمليات القتالية. وقد تدخلت شبكات الأعمال في القطاع الخاص، مما سهل المفاوضات بين الأطراف المتحاربة على الأرض، وأدى في النهاية إلى إطلاق سراح الشاحنات ووصول المساعدات إلى أربع مناطق محاصرة في تعز وأربع أخرى في عدن[3].

كما أشارت مقابلات أجراها الكاتب مع أصحاب أعمال يمنيين وعدد من موظفي الوكالات الإنسانية الدولية إلى أن الجهات الفاعلة في المجال الإنساني تعتمد على القطاع الخاص لتوفير خدمات سلسلة الإمداد، مثل النقل والتخزين وخدمات التخليص الجمركي وإعادة الشحن[4]. وبين أبريل / نيسان وسبتمبر / أيلول 2017، اعتمدت معظم الجهات الفاعلة الإنسانية العاملة في جهود الاستجابة للكوليرا على الشركات اليمنية للحصول على المستلزمات الطبية اللازمة[5]. يرجع ذلك إلى تفاقم الأزمة وعدم قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على شراء الإمدادات اللازمة بسرعة من خارج اليمن.

هذا وأفاد أصحاب الأعمال الذين شملهم استبيان هذه الورقة أنهم يزودون وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية بمختلف السلع والخدمات مثل السيارات والمولدات وقطع الغيار والصيانة وسلال الأغذية والبطانيات وخدمات التوزيع. وفي إحدى الحالات، ذكر صاحب شركة أنه ساعد في إنشاء واستمر في تنسيق علاقة عمل بين منظمة دولية ومنظمة محلية. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك قيام صاحب شركة تأمين طبي أخرى باستخدام شبكته المحلية لمساعدة ماري ستوبس إنترناشونال على دعم 1,000 مريض في صنعاء يعانون من أمراض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل الكلى المزمنة – وذلك من خلال المنظمة المحلية "همنا اليمن". ومن خلال المنظومة التي طورتها، تقوم "همنا اليمن" بتحديد المستفيدين من الفئات الضعيفة من السكان، وبناء على نصيحة شركة التأمين الطبي، توجههم إلى الصيدليات لتلقي الأدوية التي توفرها ماري ستوبس إنترناشونال. وحتى كتابة هذه السطور، كانت الأطراف الثلاثة تخطط لإطلاق مرحلة جديدة من المشروع لاستهداف المزيد من المرضى الفقراء.

فيما يتعلق بعمليات شراء الخدمات، ذكر عموم أصحاب الأعمال الذين شملهم الاستبيان أنهم فازوا بعقودهم مع الجهات الإنسانية الدولية الفاعلة من خلال عمليات المناقصة؛ إلا أن أحدهم ذكر أنه قدم السلع للمنظمات غير الحكومية الدولية من خلال "شبكته الشخصية".

 

الحاجة إلى تنسيق أفضل

حدد أصحاب الأعمال الذين شملتهم الدراسة صعوبات عديدة في التعامل مع الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية، ولا سيما فيما يتعلق بالاتصال بوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. تتعلق هذه الصعوبات في المقام الأول بعملية المناقصات ومتابعتها؛ كانت الشكاوى الشائعة غلبة الغموض على نقاط الاتصال بالمنظمات الدولية، وكذلك معايير ومتطلبات المنظمات الدولية. كما أن المشاورات مع القطاع الخاص فيما يتعلق بالمجتمعات المحلية المستهدفة غائبة في معظم الوقت، ما يعني أن الكثير من الخبرات والقدرات ذات القيمة المضافة في القطاع الخاص غير مستثمرة تمام الاستثمار.

ذكر أصحاب الأعمال أيضاً أن ، ونادراً ما عرضت على شركات جديدة فرصة التقديم على المناقصات. ومن ثم تمت الإشارة إلى الشفافية في عملية اختيار البائعين في المنظمات الدولية كمجال يتطلب بعض التحسين، وذلك لضمان تعاون وتنسيق أقوى بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص. كما أشار أصحاب الأعمال أيضاً إلى أن سياسات شراء الخدمات والسلع التي تتبعها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تستلزم أو تشجع أحياناً الشراء المباشر من خارج اليمن.

أجمع أصحاب الأعمال عموماً على الحاجة إلى آلية تنسيق بين القطاع الخاص والجهات الفاعلة في المجال الإنساني للمساعدة على تشجيع الشراء المحلي وتسخير الفرص لإقامة علاقة منفعة متبادلة. وقد أشارت دراسة استقصائية أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في آب / أغسطس 2017 إلى وجود بعض الالتباس فيما يتعلق بما إذا كانت آلية التنسيق موجودة: فقد أجاب 57 بالمئة من أصحاب الأعمال بالنفي على السؤال: "هل هناك منصة تنسيق مخصص للمساعدات الإنسانية وجهود الإنعاش في القطاع الخاص في اليمن؟" ومع ذلك، قال جميع المشاركين في الدراسة الاستقصائية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنهم يعتقدون أن آلية التنسيق هذه ضرورية، والجميع ذكر أنه سيشارك في المنصة إن وجدت.

 

العمل في ظل اقتصاد مدمّر

حتى قبل اندلاع النزاع الحالي، كان اليمن من بين أفقر البلدان وأقلها تنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ ومنذ بدء الصراع تدهور الوضع بشكل هائل. وفقاً لما ذكرته وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد تقلص في عام 2017 بنسبة 14.4 بالمئة، وذلك بعد تقلص بنسبة 15.3 بالمئة عام 2016 و17.6 عام 2015، ما يعني تقلصاً اقتصادياً تراكمياً بمقدار 40.5 بالمئة منذ بداية 2015. نتيجة لهذا الانهيار الاقتصادي، تكبدت عمليات القطاع الخاص خسائر كبيرة. وفي المتوسط خفضت الشركات التجارية ​​ساعات التشغيل بمقدار النصف، مع تسريح ما نسبته 55 بالمئة من مجموع القوى العاملة. حفز هذا التحول ارتفاع التكاليف بسبب انعدام الأمن ونقص المدخلات وانخفاض الطلب على السلع والخدمات، مع تراجع القوة الشرائية العامة نتيجة فقدان سبل كسب العيش على نطاق واسع وانخفاض قيمة العملة المحلية[6]. أدى النقص العام في العملة الأجنبية في اليمن والتحديات المتعلقة بسيولة العملة المحلية إلى زيادة التحديات والتكاليف أمام المستوردين[7].

ومنذ بدء التحالف العسكري بقيادة السعودية التدخل في النزاع اليمني في آذار / مارس 2015، جرى فرض قيود شديدة على الواردات التي تدخل إلى اليمن. ذكر أصحاب الأعمال الذين شملهم استبيان هذه الورقة أن لهذا الحصار آثار تعطيلية كبيرة، وأنه أدى إلى زيادة كبيرة في تكاليف نقل وتأمين الواردات. ومن التحديات الهامة الأخرى التي لوحظت ما يلي: زيادة التعريفات الجمركية بعد تفريغ البضائع، وتطويل إجراءات إطلاق الشحنات، وتراجع أمن شبكات النقل البري في اليمن، وتصعيب التحويلات المالية مع الشركاء التجاريين الأجانب.

وفي 6 تشرين الثاني / نوفمبر 2017، شدد التحالف السعودي من القيود المفروضة على الواردات باتجاه الإغلاق التام لجميع الموانئ، والذي انعكس فوراً على اليمن بارتفاع كبير في أسعار جميع السلع الأساسية تقريباً ونقص معظمها، ولا سيما الوقود. وفي الشهر التالي، خفف التحالف بعض القيود إلى حد ما، ما سمح باستئناف الواردات بشكل طبيعي في مناطق الجنوب اليمني التي تسيطر عليها قوات تابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ثم سمح التحالف في وقت لاحق بوصول محدود لعاملي الأمم المتحدة إلى ميناء الحديدة ومطار صنعاء شمالاً حيث تسيطر قوات الحوثيين. كان التحالف السعودي قد أعلن في 20 كانون الأول / ديسمبر الماضي سماحه بإعادة فتح ميناء الحديدة أمام الواردات التجارية لمدة 30 يوماً. وفي 18 كانون الثاني / يناير 2018 أعلن أنه سيمدد فترة السماح لمدة 30 يوماً أخرى، كما أعلن هذا الأسبوع استمرار فتح الميناء. وفي منتصف كانون الثاني / يناير، سمح التحالف أيضاً بإيصال أربع رافعات متحركة إلى ميناء الحديدة، وذلك بهدف تعزيز القدرة على إفراغ حمولة البضائع عبر استبدال رافعات كانت ضربات التحالف قد جعلتها غير صالحة للتشغيل منذ في آب / أغسطس 2015.

 

النظر قدماً

ازداد عدد العاملين في القطاع الخاص اليمني الذين أقاموا علاقات تجارية مع الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية مع مرور الوقت، مع تحول جهود الإغاثة المضاعفة إلى فرص تجارية جديدة في البلاد خلقت سوقاً تنافسية[8]. إلا أنه ما تزال هناك فرص واسعة غير مستغلة لكلا الطرفين في إنشاء آليات تعاون وتنسيق أفضل.

فبإمكان الجهات الفاعلة في القطاع الخاص – وخاصة الشركات العاملة في مجال الاستيراد والتوزيع وتجارة التجزئة والنقل، بالإضافة إلى المجموعات التجارية – أن تقدم الكثير من القيمة المضافة للجهات الإنسانية الدولية، ولا سيما عبر تقديم المشورة حول تصميم وتنفيذ الدعم الإنساني، مما سيعزز بشكل كبير من تأثير الاستجابة للأزمة الإنسانية في اليمن. ويمكن للشركات اليمنية أن تزيد من كفاءة ووصول صناديق المساعدات الخارجية عن طريق السماح للجهات الفاعلة في المجال الإنساني بالاستفادة من شبكات الأعمال في القطاع الخاص في جميع أنحاء البلاد، ومن قدرتها على التكيف مع الديناميكيات المتغيرة داخل المجتمعات المحلية وتمتعها بحرية التنقل بين الأطراف المتحاربة.

بالإضافة إلى ذلك، تقدم الجهات الإنسانية الفاعلة حالياً عدة خدمات للقطاع الخاص اليمني عبر مساعدة مختلف الشركات على مواصلة العمل والإبقاء على الموظفين الحاليين، وفي بعض الأحيان خلق فرص عمل جديدة. وفي حال قامت الجهات الفاعلة الإنسانية بتوجيه المزيد من أعمالها من خلال القطاع الخاص اليمني ومواصلة المشتريات المحلية، فمن المؤكد أن يساعد ذلك الشركات المحلية على الإبقاء على الموظفين الحاليين وخلق المزيد من فرص العمل، مما سيعزز التشغيل المحلي والقوة الشرائية المحلية ويحفز دورة طلب إيجابية في السوق. كذلك من شأن المزيد من أموال المساعدات الخارجية التي تصل إلى اليمن أن توفر العملة الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها في السوق المحلية، مما سيساعد بدوره على استقرار العملة المحلية.

لقد أيدت إحدى وكالات الأمم المتحدة الرائدة في اليمن هذا التعاون والتنسيق المتزايدين بين الجهات الإنسانية الدولية الفاعلة والقطاع الخاص اليمني. واستجابة لطلب كاتب هذه السطور، ذكر مسؤول اللوجستيات في برنامج الأغذية العالمي ما يلي:

بالنظر إلى الدور الحيوي الذي تلعبه الشركات الخاصة في البلاد بمرونتها وقدرتها على التكيف، يمكن للجهات الفاعلة في المجال الإنساني أن تساعد على تيسير استيراد السلع الأساسية والإمدادات من القطاع الخاص من خلال أخذها بعين الاعتبار في عملية شراء الخدمات والسلع الإنسانية من خارج البلاد. يمكن لشبكات القطاع الخاص دعم الجهود الرامية إلى تجنب انهيار الاقتصاد المحلي وزيادة تدهور الحالة الإنسانية في البلاد.

توصيات

  • على الجهات الإنسانية الدولية أن تنشئ منصة مشتركة تشمل القطاع الخاص اليمني والسلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني لتنسيق الاستجابة الإنسانية. من الضروري ضمان الشفافية على مستوى هذه المنصة.
  • يتوجب على الجهات الإنسانية الدولية تجديد قوائم مورّديها والمتعاقدين معها لمنح شركات القطاع الخاص اليمني فرصاً جديدة.
  • على الجهات الإنسانية الدولية أن تعتمد قدر الإمكان على القطاع الخاص اليمني في شراء الخدمات والاستيراد وتوزيع مواد الاستجابة الإنسانية. من شأن ذلك أن يساعد الموردين المحليين على الحصول على العملة الأجنبية.
  • على الجهات الإنسانية الدولية أن تقدم مساعدات نقدية مباشرة للمستفيدين بما يمكنهم من شراء احتياجاتهم من السوق المحلية، فالقطاع الخاص يؤمن أكثر من 90 بالمئة من الغذاء المستورد إلى اليمن.
  • على الجهات الإنسانية الدولية أن تضمن وجود نظم لمكافحة الفساد في عمليات الاستجابة الإنسانية.
  • على الجهات الإنسانية الدولية أن تضمن قدرات وكفاءة ممثلي القطاع اليمني الخاص الذين تتفاعل وتنسق معهم بهدف المساهمة في الاستجابة الإنسانية، وألا تقصر تنسيقها على الهيئات الرسمية كاتحاد الغرف التجارية بل أن تستكشف خيارات أخرى كنادي الأعمال اليمني وغيره.
  • على القطاع الخاص اليمني أن يجد آلية لتحسين تمثيله في عمليات التنسيق مع المنظمات المانحة و/أو إعادة بناء حوكمة رشيدة ضمن اتحاد الغرف التجارية والصناعية اليمنية.
  • على رجال الأعمال خارج اليمن أن ينشئوا مجلس أعمال في الخارج للتنسيق مع الجهات الإنسانية الدولية والمساهمة في استجابتها الإنسانية.

 


الهوامش

[1] قام الكاتب بتوزيع استبيان نوعي وتلقى استجابات بين 22-29 نوفمبر / تشرين الثاني 2017، كما أجرى عدة مقابلات شخصية بين 1 و4 يناير / كانون الثاني 2017. يملك خمسة من المشاركين السبعة شبكات أعمال كبيرة – معرفة بأنها تضم ​​أكثر من 50 موظفاً مع فروع في الخارج – تشارك في مختلف القطاعات الاقتصادية بما في ذلك الخدمات المالية والتصنيع والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة والنقل والإمداد والتعليم. كما كان أحد المشاركين في الاستبيان صاحب شركة متوسطة الحجم – معرفة بأن لديها ما بين 10 و50 موظفاً مع فروع في جميع أنحاء البلاد – تعمل في مجال حلول الطاقة وبيع وصيانة مولدات ومعدات الطاقة المتجددة. أما المشارك السادس في الاستبيان فهو صاحب شركة صغيرة، يتراوح عدد موظفيها بين أربعة وتسعة موظفين، ومقرها صنعاء، ولها قنوات توزيع في مدن يمنية أخرى، وهي تعمل في مجال الرعاية الصحية والمنتجات الصيدلانية. بوجه عام، سئل أصحاب الأعمال عن فهمهم للأزمة الإنسانية الحالية، ودورهم خلال الأزمة، وعلاقتهم بالجهات الفاعلة في المجال الإنساني، واقتراحاتهم بشأن تلك العلاقة.

[2] مقابلة أجراها الكاتب مع مدير عمليات بنك الأمل، 4 يناير / كانون الثاني 2018. الجدير بالذكر أن مؤيدي مصلحة التمويل الأصغر في اليمن يقولون أن مشاركة الجهات الإنسانية في مؤسسات التمويل الأصغر في الاستجابة للمعونة – مع أنها حاسمة في تلبية احتياجات النجاة المباشرة للسكان – تشكل تحدياً غير مقصود لنجاه هذه المصلحة في المستقبل. ففي حين غالبية عملاء التمويل الأصغر – أصحاب المشاريع الصغيرة – والمجتمعات المحلية المحيطة بهم بحاجة إلى دعم برامج المساعدات الإنسانية، إلا أن ذلك يتم تمريره من خلال بنوك التمويل الأصغر، حيث يقول أصحاب المصلحة إن هذا "المال الحر" يقوم بتحويل الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات والثقافة الضرورية التي قاموا بتأسيسها ضمن هذه المصلحة على مدى عدة عقود. وقد ترك العاملون في هذه المصلحة نموذج عملهم الأساسي لتوفير منتجات التمويل الأصغر – والتي يطلب سدادها من العملاء – باتجاه العمل في خدمات التحويلات النقدية الاجتماعية، دون أن يكون هناك تمييز واضح بين النموذجين بالنسبة للعملاء. يقول العاملون في التمويل الأصغر أن ھذا سيؤثر في انتعاش مصلحة التمويل الأصغر على المدى الطويل، خاصة عندما تتوقف الجھات الفاعلة في المجال الإنساني عن إجراء التحويلات من خلال مؤسساتهم.

[3] مقابلة مع مسؤول اللوجستيات في برنامج الأغذية العالمي، 31 ديسمبر / كانون الأول 2017.

[4] مقابلة مع مسؤول اللوجستيات في برنامج الأغذية العالمي، 31 ديسمبر / كانون الأول 2017.

[5] مقابلة مع د. عادل العماد، رئيس شركة التأمين الطبي المتخصصة، والسيد علي جباري، مستشار اتحاد الغرف التجارية، ديسمبر / كانون الأول 2017.

[6] للمزيد من التفاصيل، يرجى الاطلاع على: Ala Qasem and Brett Scott, Navigating Yemen’s Wartime Food Pipeline, Deeproot Consulting, November 29, 2017, http://www.deeproot.consulting/single-post/2017/11/29/Navigating-Yemen%E2%80%99s-Wartime-Food-Pipeline; Amal Nasser and Alex J. Harper, Rapid currency depreciation and the decimation of Yemeni purchasing power, Sana’a Center for Strategic Studies, March 31, 2017, http://sanaacenter.org/publications/analysis/89

[7] للمزيد من التفاصيل، يرجى الاطلاع على: منصور راجح، أمل ناصر، فارع المسلمي، "اليمن بلا بنك مركزي: فقدان أساسيات الاستقرار الاقتصادي وتسريع المجاعة"، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 http://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/59

[8] مقابلة مع مسؤول اللوجستيات في برنامج الأغذية العالمي، 31 ديسمبر / كانون الأول 2017.

أقرا أيضًا في موجز السياسات

خلق فرص عمل جديدة في اليمن

أكتوبر 17، 2018 موجز السياسات
أدت عقود من عدم الاستقرار السياسي والنزاع المسلح الدوري إلى تقليص النمو الاقتصادي لليمن وفرص العمل ومستوى الإنتاجية، فقبل اندلاع الصراع الحالي، كان جزء كبير من السكان العاملين في البلاد منخرطين في عمالة غير محترفة، وتعمل في الزراعة الريفية أو بشكل غير رسمي في الأعمال التجارية الصغيرة، وفي الآونة الأخيرة قام الصراع المستمر بتدمير حركة التجارة الاعتيادية وترك ملايين اليمنيين دون وسيلة لإعالة…

الري بالطاقة الشمسية في اليمن: الفرص والتحديات والسياسات

أبريل 29، 2021 موجز السياسات
تبحث هذه الدراسة في التوجه الحالي لاستخدام نظام الري بالطاقة الشمسية في حوض صنعاء، وتحدد إيجابيات وسلبيات هذا النهج. تستعرض الدراسة أيضا وجهات نظر المزارعين والخبراء فيما يتعلق بما يحدث وما يجب القيام به لتعظيم فوائد نظام الري بالطاقة الشمسية والتقليل من آثاره السلبية. أظهرت نتائج هذه الدراسة أن معدل تركيب واستخدام نظام الري بالطاقة الشمسية يتزايد بمعدل يزيد عن 4% سنويّا. أعرب المزارعون…

استعادة قدرات البنك المركزي وتأمين استقرار الريال

فبراير 8، 2018 موجز السياسات
كجزء من مبادرة ”إعادة تصور الاقتصاد اليمني“، اجتمع أكثر من 20 مشاركا من أبرز القيادات التنموية والاقتصادية اليمنية في المنتدى الثاني لقيادات التنمية في الفترة بين 14 و16 يناير/ كانون الثاني 2018 في العاصمة الأردنية عمان. وقد احتلت قضية تدهور قيمة الريال اليمني المرتبة الأولى بين المواضيع المطروحة للنقاش، وما أعقب ذلك من تفاقم شديد للأزمة الإنسانية، والحاجة إلى إعادة تمكين البنك المركزي…